بقايا صرح عظيم للشاعرة أميمة معتوقي

//بقايا صرح عظيم //
================

كأنني والشوق 
نخوض لعبة القمار 
لا يبرحني ولا أبرحه.. 
زائري الدائم.. 
وهل سواه لي زوار؟! 
وللحنين في روحي قيامات 
وللهواجس أفكار و أفكار 
أبنائي.. وتنتحب معي 
كل أركان الديار 
أين سامي أين أحمد 
أين سعاد أين نزار 
عشرون عاماً عن غربتكم مضت
لا رسالة..لا سؤال 
 لا تواصل لا أخبار 
ماذا عن أم تجاوزت السبعين 
ذاب العظم منها 
تحت نير الانتظار 
بالكاد أتناول لقيماتي الجافة 
بالكاد... بالكاد 
أبللها بأدمعي.. بدعائي 
برحمة الأقدار 
وكأس الماء عني ما أبعده 
لكأنه يلوي عنقه في رحمة
يخاطبني بالله صبراً 
ثم اصطبار.. 
فأتنفس من قارورة الأمل 
أن يذكرني أحدهم 
قبل الرحيل.. 
قبل آوان الاحتضار.. 
فأنا التي.. 
كل شعرة من رأسي 
لأجلهم..
أفنيت ليلها..
لأجلهم صارت نهار.. 
وكل خلية مني.. 
ذبلت.. تجعدت...
ضمرت.. 
كي يكبر الصغار 
واليوم.. 
آه من اليوم... 
صباح الخير يا جدار 
مساء الخير لثاني جدار 
الصمت رهيب.. مطبق
أين اختفى الهرج
 من اغتال صخب الديار 
نعم.. للمرة الألف أنسى 
كبر الصغار.. 
رحلوا كبار.. 
على عروشها باتت خاوية 
روحي والديار.. 
كيس الدواء هو الصديق الأوفى
أينما يممت وجهي.. 
 حولي استدار.. 
بات سمعي ثقيل.. 
جسدي عليل 
وبصري في انحسار.. 
كأن كل أثاث غرفتي 
كئيب.. مريض 
يلفه البؤس تطويه الغبار.. 
يؤنسني صوت الأطفال 
أولاد جارتي الجديدة عشتار .. 
يطرقون الباب ويهربون 
فأضحك خلسة.. ابتهج 
وأقدم لنفسي عنهم 
ألف اعتذار.. 
أين مني أبنائي.. 
أين سؤالهم عني 
أين من تحلقوا حولي
تماماً كالسوار
أين من ربيتهم..
 علمتهم.. 
من دار بيني وبيهم 
ساعات الود ألف حوار 
أين من سهرت لأجلهم 
من دعوت لهم 
في عسرهم ويسرهم
أليس لي في ذكرياتهم 
ولو ذرة اعتبار 
الشوق يحدث في قلبي جهنماً 
ويشعل في الصدر 
ناراً على نار 
ليتني اليوم حمامة 
تعبر السهول والجبال 
تطوف حولهم 
تلقي دموع العتاب رسائلاً
تحكي لهم عن طعم الخيبة 
عن مرارة الإنكسار 
تحكي لهم عن وسادتي 
كم مرة جفوني فوقها أقامت
مراسم الانهيار 
قد كنت يوماً صرحاً عظيماً 
قلعة شامخة.. 
هامة يعلوها 
كل الوقار.
 وهاأنا بغير حال..
أرض قاحلة.. 
بيت مهجور 
وغصن جف منه كل اخضرار 
فتات إنسانة بقايا دمار 
فمن ذا يخبركم أحبتي 
أن الحياة أم 
والسعادة أم
والعافية أم
وهجر الأم.. 
عار على عار..
ها هي روحي تفيض لبارئها 
ها أنا وحيدة..
مضرجة أنفاسي بالوجع 
أسدل على عمري الستار 
..............................
أميمة معتوقي 
سوريا /دمشق

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

يا عازف العود… .. الشاعر والمبدع علي جابر الكريطي

يا ساقي الورد لطفا بقلم الشاعر هشام كريديح

انتي وتيني // بقلم الشاعر عبد السلام حلوم