فلتأتي كما الحرب بقلم الشاعر المتألق طاهر الذوادي
* * * فلتأتي كما الحرب * * *
لست شاعرا بما يكفي حتى أتدرّج في سبر أغوار اللّغة العميقة خلف رؤى الضّباب الذي يلفّ العالم من جوانبه المحروقة
و لست من يوهم الرّيح بأن تقفز خلف أسوار الحديقة
لست مكتنز التأويل ؛ ممشوق العبارة و لا غارفا للرمزية و لا سابحا بين الأجناس و محنّك الوصف
حتى أفكّك فقاقيع السّلام و أعقر الحرب
لكني إنسان طاعن في النّسيان و عربي متجذّر في العروبة لي ما يكفي من الحلم لأجعل البجع يرقص في بردتي
و لي من المخيال ما يجعلني أقفز فوق الموج و أحلب الرّيح و أنام في أنشودة الأصيل مذهولا
إن ذكرتك تفتّقت من لساني قصيدة من الياسمين و الريحان و فاضت على أوصالي رعشة من الحنين و الأحضان...
و إن أسررتك انهمرت من روحي شرفة تجدّف بين الكسوف و المطر ...
لي من الهوس و الجنون ما يجعلني ندّا للعاصفة
و لي من المرايا ما يفتح العالم على سماء أخرى حين أرتّل بين الخريف و الرّبيع أسماءك الحسنى
هكذا همست لي النّجوم بينما كنت أرتّب لي قبلة على جبينك على سلّم الانتظارات
حتى أشوّش رادارات الأرصاد على توقعات غدٍ مهدور يوشك أن يجلس قبالتي
و هكذا أوحى لي القمر حين كنت ألعق صمت الهمس على أوتار ذبذبات عينيك
حتى أغمده في الغبار المرّ المتسلّق على ساقيك المرتجفتين
فلتأتي الحرب
حينها سأحدّثك عن ...
قصيدة صوفية نعلّقها وشما على وجه السّماء
عن ترجمة حنين النايات المرتحل على خصر حورية الماء
عن فراشات الوادي و زهرة النرجس و أراجيح الليل المبتورة النهايات
فكوني أنت الخريطة التي أنزل عليها قشعريرة جنودي
و الغابة التي يتغلغل فيها قوسي و الحدود التي تستريح عليها أسلحتي و خيولي
و كوني أنت بلقيسي و جاني و هدهدي
إذا ما رتلت على فم سليمان نشيدي
فلتأتي الحرب
سنؤسس بين الرصاصة و الرصاصة قبلة
و نوقد بين الانتفاضة و الانتفاضة شمعة
و ننهض كل يوم شهيدين من حضن أمسنا
و نغدو كما العنقاء نرفع راية الياسمين على كل نهاية
سنهدم كل معابد الحب القديمة
و نورق من أجسادنا شجر النخيل
و نلامس عذرية الشمس في تكحلها بصحراء ليلنا
سنعقد على مخارج الحروف ألسنة الشعراء
و نحرق بالحب كتب التاريخ و الأنبياء
فلتأتي كما الحرب
لنتعلم منها كيف يُكوى الجرح
حتي نطهّر فرحنا
و نتعلّم أن للهوية صرح آخر
عليه تتهاوى الظلال في قدسية اسمك
~ طاهر الذوادي ~
تعليقات
إرسال تعليق