يحضن الرصيف المرمر بقلم الشاعر المتألق طاهر الذوادي
* * * يحضن الرصيف المرمر * * *
لو قدّر لي يوما أن أراك
و أتيت بثوبٍ كمرج الجنان
أخضر... أخضر ...أخضر ...
وشعرك المجدول على كتفيكِ
كموج بحرٍ طويل مبعثر
ونهدك تحت ارتفاف القميص
شهي شهي كطعنة خنجر
و شفاهك تقطر شهدا
كسيل عسل و سكّر
و خصر كالحضن يغوي
على أطرافه رمشي تسمّر
و برتقال كالشمس يرنو
على غصنه تأخّر
و عينيك ترقب انزوائي
كنهر يهدر و يغمر
رحت أعب بعمق سيجارتي
و أرشف قهوتي و أتعثّر
فلا تنعتيني بموت الشعور
و لا تحسبي أن قلبي تحجّر
فبالوهم أخلق منك إلهاً
و أجعل منك قبلة و محور
و بالوهم أزرع شعرك ثمارا
و أقحوانا و عنبا مخمّر
إذا ما جلستِ طويلاً أمامي
كملاك من لهفة تتحرّر
و أغمضت عن طيباتك عيني
وأهملت شكوى العنق المعطر
فلا تحسبي أنني لا أراكِ
فبعض المواضيع بالذهن أبصر
ففي الظل يغدو لأنفاسك صوتا
و بحيرات عينيكِ تسحر
و يحضن قلبي يديك
و كل اصطباري يبعثر
أحبك فوق المحبة لكن
دعيني أراك كما أتصور
سأسمي المكان باسمك
ففيه تركت شفاهي تكبّر
و قلبي على الأرصفة يئنّ
و يسأل هل من مدّثر ؟
عيناي رأت فيك حسنا
حورية على ضفاف كوثر
و غابتا زيتون و نخل
خيول و غزلان تتبختر
فلا تسألي عن شرودي
اذا ما هام كلّي و أسكر
و لا تفتحي ظل سكوني
ففيه أحلامي للحسن تعبر
اذا فاق اشتياقي شعوري
فذاك مزاري و أكثر
و إن لم يكن فيه وجودي
فيعني أنّي إليه مسيّر
" أحبّك " بها عشق جنوني
و تصير لها شفاهي أصغر
اتركيني أعشقك على مقاسي
فقميصي تفتّق و تهوّر
و القلب من تحته لو تدري
كم عاث بالصّدر و تجبّر
" أحبّك " لو نطق بها لساني
لماج كل الكون و تخدّر
و لصارت كل المدائن
أعراس وصل بالشفاه تصبّر
و لخرست كل حروفي
و كتبتك بغير محبر
لولا الحياء لحضنتك أكثر
و لتفجّر مني ما قد تفجّر
من قبل أن تلقى يديا يديك
و يصّاعد على حسّها التخمّر
و من قبل أن تمشي إلي
و يحضن الرّصيف المرمر
~ طاهر الذوادي ~
تعليقات
إرسال تعليق