اطرق بابك بقلم الشاعر المتألق طاهر الذوادي
أطرق بابك
يرنّ الجرس المذعور
تخرجين من كل الأبواب كالموسيقى
و عندما تضيعين
تضيع العاصفة ثم تسند ظهرها
لموكب الحواس المنتظرين على جذع شجرتك
أحب عينيك التي تجاهر بما لا تقولينه
أنا حبيس الظل القمحي
للندرة الملتهبة في خلوتك
ظلك الذي بقي عالقا معي
ليس أكثر من هذه الرحابة
ليس أكثر من هذا الصمت
لأنني أملك ما لا يمكن أن تقوله اللغات
من أين لك هذا الفرَسُ الجامحُ في العيْنينْ؟
منْ أينَ لك الصَبواتُ الجورية
يا من غرَّبت
و ضاعتْ
كلُّ عواصمِ شُهبك بينَ رمشين
الصحراءُ لهيبُك بين الجُنْحينِ
و الماء همسك
من دونِ دليلٍ يسبّح
مع وقْعِ خُطاك الزبرجد و الحولي
و يبكي رملُ الصحراءْ
و يجسُّ الملحُ جروحَك
و يتهامسُ بينَ حلمين
أيملكُ ما يُخصِبُ هذا الرحِمَ المعطوب
هل تُنْجِبُ منه الأرضُ سُلالَتها
فتُضيءُ بفارِسها الظلماءْ
وتمرُّ ظلالُك ، تلمسُني، فتُعمِّدُني
و تُعيدُ الجسدَ الهاربَ من رمْضائك مصلوبا
كشفَ العرّافُ مرّة دمي الشاحبْ
و قال :
أُبصر يا هذا حيثُ مشيتَ
القاتل في جَسدك
و أنت المقْتول
يا وطني الهاربَ خُذني ، فأنا مثلكَ هارب
عاشرني الحبُّ فضيَّعني
يا وطني خُذني
جَمعَ الشرقُ حوافِرَهُ
وتخطّي كل عِنانٍ مخذولْ
وبكيتُ عليك و من خللِ الدمع بكيتُ
لأني
أجْهلُ أنّ القدمَ العاثر فيك
هو القدمُ الموصول
تركت الرايات تسقط على أرض المعركة
التي وزعت قتلاها تحت قميصك
تركتك مرتبكة ، مشتعلة
و واصلت طريقي من دون وجه
إلى الآن و النايات تتبارى في ايوائي ثقبا من ثقوبها
لكنني مجبول على الهرب لعينيك
حيث لا أغنية تقبلني شاعرا و لا لحنا
و لازلتِ كما انتِ
جوهرا في مركز العمر
الذي أشبعه الماضي هجرات و منافي
أيتها الهادئة كالندى
الصاخبة كالمطر
و الحزينة كرحيق لم يقع على وردته بعد
ضميني إلى منتهاك
قطرة بعد قطرة
ستمتلئ البحيرات بوجهك
و يصير العشب اسما لأجفانك
سأرتدي حنوّك و شعاع برقك
و اركض بين القبلات بحثا عن بصيص فمك
سأشربك بيديك
و أنا أبحث عن يديك
يديك التي عاثت بدمي
بين التورية و الجهر
- طاهر -
تعليقات
إرسال تعليق