في المرايا بقلم الشاعر المتألق طاهر الذوادي
//// ____ في المرايا ____ ////
الرجل الذي كنته
بحثت عنه
بين أنقاض تلك القلعة
وجدته مشغولا بتقليب أصابعه
في الرماد
علًه يعثر على جمرة
تعترف بتلوحاته في العتمة
و المسامير التي دقها في الظلمة
علًها تحتفظ
بأحد معاطفه
المسدولة في البياض
كم نجما يحتاج ليلك كي ينجو
من الظلام ؟
وكم صوتًا تحتاج حنجرتك
قبل أن تصمت؟
وأنت... من ... أنت ؟
غير ذلك الشقي ، المرتبك
بأي الأسماء ستنادي على غربتك؟
وبأي الأقلام ستكتب أقدارك؟
وكم مرةً ستضيع في هذا البراح السحيق؟
و أنت تسيح على ورقك الأبيض
و قصاصات حاضرك برائحة الماضي
حدثني عن قلبك في صباح لا غروب له
عندما تغسله من تكلسات الانتظار
و تنقع مشاعرك في بياض البوح
حدثني عن الوقت الذي غزلته
وتركت خيطه للرياح
حدثني عن آخر حزن
ضحكت في وجهه
وعلمتني كيف أنجو من وحدتي
وقلتِ لي : إن بعض الحزن ضياء
و بعض من بعضك
صمت لا تفقهه اللغة
و لا تحلبه الغيمات مهما تماطرت
منذ متى والمساء يسلّمك للفقد
يمحو ملامحك و يبعثرها بين العابرين؟
لم يكن فيك سوى جسد خذلته المدن
و أحرقته المواعيد
لا أبواب تنتظر عودتك
ولا أحلام تمد يديها نحوك
كأن يديك أنكرتك...
ظلّك معلّق على آخر رمق
جدار روحك تهشّم
و صوتك يتكسّر فوق صخرة الصمت
كأنك ما كنت أبدًا هنا ...
و لا حتى هناك
سلّمت اسمك للريح
فصارت خطواتك بلا ذاكرة
و مراياك حديد منفى
ما الذي جعل الحكاية قصيدة يكتبها السّراب
و جعل الزمن دائرة دون شمس
أيها النائم في مراتع العاصفة
هزّ جذع روحك لتتساقط عليك الذكريات
و يتصدّع الضباب من حولك
ويطيب لك الحلم
هات يدك
أريد أن أموت و أحيى دون بوح
أريد أن أخلع الضوء من ظلّه
و أرى و أسمع
صوت احتدام الكون في المرايا
لعلَّ نور صوتي يُوقِظُ القناديل
و يُشْعِلُ ضوءَها
فيفيضُ زيتها كنهرٍ مقدسٍ
تخلع فيه البجعات ريشها
و ترمي به الماء كأطواقٍ من نارٍ
لعلَّها تكسر برقصِ أجنحتها
ظلالها على جدرانِ المسرح
لعلّني أخلع عني ثقلَ النعاسِ
و أصحو بكِ كعنقاء
تُبعَثُ من رمادها
و أرتشفكِ بكأسٍ من زئبقٍ
أطاردُ فيه نجمةً مسحورةً
ألتمسُ فيها المعرفةَ المحرَّمةَ
هل أحبكِ؟
لربما
بداخلي شيء من النظرِ إلى مرايا عصرٍ قادمٍ
و أنتظر ... أنتظر ...
لعلّ الفنجان يتكسّر
و تطلق النبوءة أخبار المرايا
- طاهر -
- طاهر -
تعليقات
إرسال تعليق