هاهي العتمة اللائذة بجدران الغرف بقلم الشاعر المتألق طاهر الذوادي
ها هي العتمةُ اللائذة بجدرانِ الغرف
ها هو الزّمنُ بكثافتِهِ
الأنينُ بعمقِهِ
الشّراشفُ بثناياها
باقات الرحيق بأعناقِهَا الطويلةِ
المدينةُ بأنوارها
وأنتِ.. أنتِ برموشكِ، بردفيكِ المُدْهِشَين
بالزّنابق الغارقةِ في ميناءِ جسدِك
بخطواتِكِ التي تنثر روائحُ العشب البريّ
بعُرْيكِ الذي يوقظُ قلبَ الغريقْ…
يا لهذا المساءِ في رَهافتِهِ صَمْتاً…
هذا الليلُ ينسابُ على رموشكِ كأغنيةٍ آثمة
يَال القَصيدةِ البَلهَاء
كيفَ لَهَا أنْ تَغْفُلَ قِلادَتَكِ النَّاعمةَ
القلادةَ التي تَحْتَمِي بالمنْحَدرِ الأجْملِ في العَالم؟
في أعلى النّافذةِ قمرٌ بهالتهِ
قمرٌ أزعرُ منهمكٌ بالتلصُّص
يتناثرُ رَمَاداً …
و هذه الليالي حيث العتمةُ برمتها تتوسّل أهدابَكِ الطويلة
التي تستفزُّ الصّمتَ
هي ذَاتُهَا نظراتُكِ الجائحةُ بدسائسها تندلعُ بروقاً
في الضّباب الكثيف للرّغبة في أقصى عوائها
صرخةٌ هائلةٌ، هائلةٌ تستعرُ تحت جلدك الآن…
حَقْلان من الظَلال كما لو أنّ ناياً يغازلُ نجمة
الأمطار تُضْني أجنحةَ الّليل بثقل جنونها
و شفتاكِ مساءٌ مذبوحٌ في سطوع القبلةِ
يا لهذه العذوبة في ابتسامتكِ
هذه المدنُ البَهيّةُ
كما لو أنني أنتظركِ في محطاتها
أنتظركِ أيتها المترعةُ بالضّوء والضَّجيج
ها هو الطائرُ ذاتُهُ يصرخُ على تلك السُّهوب الفسيحةِ
المنحدرةِ من الحنين و الظمأً
يرتعشُ العاشقُ بحضنكِ كطائرٍ فَـرَّ من نُباح العَاصفة
أيُّها العاشقُ الذي يتلألأُ في يدِهِ خاتمٌ من العقيق
و هو يترنمُّ بترنيمةٍ قصيرةٍ عن القبلةِ الأُولى
ثمة الآن نرجسةٌ تَئِنُّ و باب يقرع في قَلْبِ العَاشِقَةِ
هاتِ يدك
افتحي الليل على مصرعيه
فهناك في أعالي الشهقة
قمر يتماثل على هيئة حريق
و الغيمة في تمزّق الضباب تتقاطر لهفة
- طاهر -
تعليقات
إرسال تعليق