حلم -يتكرر ؛؛؛؛ الشاعرة والكاتبة سميا دكالي

الجزء_30

#حلم_يتكرر

كيف لي أن أصف شعوري هذا اليوم؟ لقد أصبحت امرأة في غاية السعادة بعد أن عثرت أخيرا على من سأكمل معه مشوار حياتي .....لكن أحيانا يعتريني خوف شديد أن تصبح تلك اللحظات عابرة مع مرور الأيام والقدر متربص خلف الستار يحمل عصاه ليقودني إلى طريق ما اخترتها ......وإن كنت على يقين أن لاشيء آخر سيحدث ويأتي ليسرق منا تلك السعادة ....حبه الآن قد تغلغل في قلبي ليسكن بداخله بات يشبه الجذور وهي تسري داخل أعماق الأرض محال أن يقتلعها أحد أو أي حدث طارىء لأنه حينها سيكون بمثابة زلزال أتى ليقلب الأرض وما عليها .

كنت منهمكة بإنجاز ملف مستعجل حين رن هاتفي ، ورغم تجاهلي لم يكف عن الطلب أعرف أنه ليس من جاك فهو قد أخبرني أن له بعض الأعمال سينجزها ولن يأتي إلا في المساء.......أجبت على المتصل لأجده من جون نبرته كانت حزينة وهو يكلمني .

جون : أهلا عزيزتي سنوهويت كيف حالك ؟ لم أكن أعلم أنك ستحذفينني من ذاكرتك بهذه السهولة ولن تكلميني البتة .
أنا : أهلا جون كنت سأكلمك فقط شغلي المتراكم أخذني ونسيت السؤال عنك المهم أتمنى أن تكون بخير .
جون : أحاول أن أكون كذلك فقد تركت قلبي وروحي معك أحيا على أمل أن تصبحي ملكا لي يوما ما .
انا : جون ليس الأمر بيدي هناك أمور لا اختيار لنا فيها بل هي رغباتنا من تسيرنا لاحكم لنا فيها ....لكن كن على يقين أن لك مكانة محفوظة وإن حدث شيء عاكس رغبتي فلن أجد أفضل منك من سيضمد جراحي .
جون : أتركك الآن حبيبتي لعملك وتأكدي أني سأنتظرك لآخر رمق في حياتي ....سأسال عنك كل حين فحياتك تهمني اكثر من نفسي.

أنهينا المكالمة وقلبي ليس على مايرام أتألم من أجل جون ومعاناته .... لست المذنبة إن لم أبادله نفس الحب ، هو القدر من يرمى لنا باختياراته. تظل دوما كثيرا من الأمور يتحقق بعضا منها وفق رغباتنا أحيانا وأخرى تترك مدفونة بين ثنايا أفئدتنا إلى أن تهرأ مع مرور الأيام والسنين....جون لم يسعفه الحظ فقد عاكسه القدر الآن ولم يمنحه ما يصبو إليه ولكن من يدري قد ينصفه يوما ما بعد أن يكون قد فقد الأمل فيها .

أكملت عملي دون أن أشعر بالوقت كيف انقضى ، بعدها حملت أشيائي ومررت على صديقتي ليفيا لقد دعوتها لقضاء معي بعض الوقت في البيت إلى حين مجيء جاك .... وجدتها في غاية السعادة أخبرتني أن ألفريدو وعدها بالزواج حين سيأتي هذه المرة ..... هنأتها على ذلك وأنا جد سعيدة لأجلها .

وصلنا إلى البيت لنجلس مع أمي وخالتي صوفي كان الجو ممطرا وباردا لذا فالكل تقريبا هرعوا إلى بيوتهم بعد انتهاء العمل طلبا للدفء .... هي لندن دوما جوها تجده مكتئبا يكسوها ضباب كثيف وهو يحمل رذاذ الأمطار معه ورغم ذلك فقد تعودت عليها ولا أستطيع العيش في مكان أبدله بها...كانت صوفي قد حضرت لنا وجبة العشاء أكلنا مع بعض وبالي في جاك أقلقني غيابه الذي طال وتأخره عن موعده .

صعدت معي ليفيا لتؤنسني بعض الوقت وتعود بعدها إلى البيت فأبويها لايمكن أن تتركهما بمفرديهما كم هي إبنة مطيعة وحنونة لم تفرط في الاعتناء بهما ورد الجميل إليهما ! تلك الأخلاق النبيلة والمبادىء هي مازادتها جمالا ورقيا حتى أحبها اخي وكل من في بيتنا .

ذهبت ليفيا بعد أن طلبت مني أن أنام ولا أقلق على جاك ...غيرت ملابسي وانسللت تحت الغطاء الدافىء محاولة النوم وطرد كل الوساوس من رأسي الصغير....أخاف أن يقتحم الخوف مجددا إلى داخل وجداني المثقل بالتراكمات ورواسب الماضي .....أتمنى أن لا أفقد جاك مثل ما حدث لي مع أبي الذي أخذه الزمن مني دون اختيار ، فتركني أتعارك معه لوحدي أسقط وأنهض بمفردي وبداخلي فراغ لم يمتلأ إلا عند قدوم جاك .

نمت بعد لأي وقد أخذني التفكير إلى ما لا نهاية حتى وجدت نفسي في مكان موحش ممتلأ بضباب كثيف حجب عني الرؤيا ....لم ألبث أن سمعت صوتا من بعيد ينادي باسمي التفت ورائي لأجده أبي كلما أردت اللحاق به أبتعد عني ....لم أستسلم بل جريت خلفه وأنا أبكي بحرقة شديدة أريد ان أعانقه وأضمه إلي حتى يزيح عن كاهلي كل ما حملته من أعباء في الوقت الذي كنت في أشد الحاجة إليه .....إلا أنه ابتعد كثيرا عني حتى اختفى لم يعد يتراءى لي ....لكن كم تفاجأت ! حين وجدت ورقة شجرة ساقطة حملتها لأجد كلمات بداخلها ..

لقد طلب مني أن أترك جاك حتى لا أحرم إبنته من حنان أبيها كم بدا غاضبا مني ! حتى أنه لم يبتسم في وجهي .... أكيد هو يذكرني أن تلك الفتاة ستعاني مثلي إذا تخلى عنها أبوها وربما أكثر لأنه تركها وهو ما زال حي ....بل وقد تكرهه على ذلك ولن تقتنع بما أقدم عليه مهما قدم لها من أعذار وسأكون أنا السبب في ما ستؤول إليها أوضاعها مسقبلا. 

كل ذلك كان يتراءى لي في الحلم وأنا أتصبب عرقا ، حتى شعرت بجفاف في حلقي نهضت فزعة وقد صرخت من شدة الخوف....لم أشعر إلا وجاك قد أخذني في حضنه يمسح على رأسي ....لا أعرف متى حضر حتى نام بقربي ؟

أحسست باللاشيء يملأني كوردة في مزهرية ذبلت بعد أن قطفت من غصنها .... هي مبادئي التي نمت معي رميت بها حين تركت منبتي فما عدت أشبه نفسي.

  #سميا_دكالي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

يا عازف العود… .. الشاعر والمبدع علي جابر الكريطي

يا ساقي الورد لطفا بقلم الشاعر هشام كريديح

انتي وتيني // بقلم الشاعر عبد السلام حلوم