كجسور /للشاعر طاهر الذوادي

كَجسور
يكتسح رَغْبةَ الليل
أَعالي صمتها ...
يوقظُ الغل من صَدَى النار 
يشْعِلُ السّردَ في جرح الأبد...
يلملم الصقيع من تحت الرماد
لينثره في الطريق 
كلما شبهت له العودة 
انفراجا أعالي التيه
كان يخترع فصولاً 
لا شجر فيها ولا مطر
لا جفاف، ولا ربيع ... 
فصولا ورقية لطبيعة من روق

كان يرسم رجالاً يجفون ككأس النبيذ
يفصِّلهم من أجساد تتهالك 
فوق جسور رغبة لا تشبع ... 
كان يسابق الزمن 
لتزدحم مفكرته
بأسماء وأشكال يقتلها حرفه
لكنك كنت فكرة أخرى 
لم يحسن توزيع أحجارها 
فوق رقعة قلبه المثقوب
كنت مختلفة مثل فصل سورياليّ 
هارب من لوحة تخترق جدار الوحدة
و لأجل ذلك لم يكن فارس قافيته .. 

قوافل لا تعدّ قد مرّت 
فوق نيران رماله
كانت تلفظ أنفاسها
تحت سنابك أبجدياتك القاهرة
تتلظى 
تقاوم
و لشفافية قلمه
كان يحقق لها الموت الرحيم برصاصة
هي من تستجديه
كي يطلقها .. 

في الموسيقى آثَر وتراً
في الموسيقى 
ندبةٌ من وجهِ عازفٍ 
أخطأَ الطريقَ إلى الحنين 
و أومأَ إلى الراقصةِ أن تتمايلَ 
على جرحِ المسافر
كان المايسترو يخطِّطُ لسَفرٍ بعيدٍ 
في أنينِ النايِ
فأحضرَ الإبلَ والهوادجَ
و مضى بنسائِهِ إلى الصحراء
حيثُ لا كهرباء ولا بشر و لا تماثيل
إنّهُ الآن هناك
يتوسَّلُ العازفين كي يذعنوا لِعصاه

المايسترو الذي يختلي
بما تبقّى من نصوص
و ما استطاع أن يزجي لكِ من الهدايا
و ما الذي يمكنُ لمثله
أنْ يهديَ لمثلِكِ وأنتِ تنعمينَ 
بكُلِّ ما يُقصِّرُ يديه عن النيلِ من ثمارِكِ 
وتلقينَ كل ليلةٍ بقميصِكِ 
على عينيه كي يعودَ إلى الظُلمةِ
كفيفاً يفتِّشُ عن شعرِكِ في المرايا
جائعاً يتشمَّمُ رائحتَكِ في الخُبزِ اليابسِ
و غريباً يسألُ عنكِ اللافتاتِ 
التي أضاعَتْ حروفَها 
في تقادُمِ الغياب

  - طاهر -

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

يا عازف العود… .. الشاعر والمبدع علي جابر الكريطي

يا ساقي الورد لطفا بقلم الشاعر هشام كريديح

انتي وتيني // بقلم الشاعر عبد السلام حلوم