قراءة تحليلية للشاعرطاهر الذوادي

كل الشكر للشاعر الكبير طاهر الذوادي لاسهاماته وإنتاجه الأدبي الذي يثري المجلة
بتحليلاته الأدبية القيمة لنصوص الاخت العزيزة والشاعرة المبدعة حكيمة بنقاسم 
أنهض من يباس
أتكسّر في الشرفات
أسقط
و أستغرق في انكماش خانق
أرتدي صراخي
بكلِّ صمت أغرق
بآخر نجمة في كأسي
أشيع آخر العابرين بدمي
و أمحو ما ترسّب في المدى
من حوار الطير
و أنخاب الزجاج
مجزء في حضرة انتظارها
اذ لا تكُفَّ الروح عن انشغالِها 
بوهَج البهجة
  - طاهر -

في قراءة متواضعة لقصيدة الأستاذة حكيمة بن قاسم التي
أظنها تؤكد استمراراً لم ينقطع لتلك الميول الشعورية، وللخيارات الفنية القائمة على
 انتقاء اللغة وتقطيرها وتصفيتها، ليكون في وسعها أن تكون محكمة الموقع، واصلة في الأداء إلى غرضها في جملة ما تنهض عليه القصيدة و تطمح إليه ، وما يتجمع في فضاء القول من دلالات يميل الشعر إلى منحها. ثمة خصلة أساسية في شعر حكيمة تتمثل في ان القصيدة تقوم على موضوعها، ولا قيامة لها إلا في مكان له معالم وسمات و ارتباطات بحركة الأشياء وتجليات الآخر (في جدل حضوره وغيابه). وإذا كانت درجات حضور الآخر تتراوح بين أن يكون مرآة لغياب الذات، أو إطار لتعريتها، أو تشويهها، فإنّ الباعث على ذلك، غالباً هو فشل الشاعر في التلاؤم مع الصور المختلفة التي يريدها الآخر لنفسه عن نفسه، ورفض للمواضعات التي تحكم العلاقة به. وأحياناً ما تنهض هذه العلاقة، أو هذه السمة في العلاقة مع "الآخر" لدى الشاعرة على انكسار مفهوم وحدة النفس البشرية (من جراء اكتشاف شخصي على الأرجح)، بسبب من استحالة تحقق مفهوم الوحدة في عالم (هو الآخرون) ميال الى الانغماس في نرجسيته أو شؤونه التي يدل انقطاعه من أجلها على انقطاعه بسببها عن رؤية الآخر في ما يريده لنفسه.

اترك كل شيء يحترق
 بعثر دمي في منابع البركان

إن أقصى العزلة والتوحش هما على الأرجح الأرض الأولى لولادة الروح في كلمات الشاعرة. إذ تكتب احتجاجاً موارباً على عالم لا يكف عن إيذاء الإنسان، تكتب من منطقة انسحابها إلى مناطق قصوى من الذات، ولكن في عالم مسكون بأشياء الآخر، إنما من وراء ظهر هذا الآخر، ومن حيث لا يمكن لقدم أن تطرق صمت الترقب المديد الذي يبعثه الشوق إلى اكتشاف الكلمة، وبعث صور المخيلة وذكرياتها، ومن حيث لا سبيل إلى إفساد صفاء الانسجام مع النفس.

هل تشرب كاس الهوى مثلي ؟
أيوقظك صهيل الشوق ليلا؟
تتلذذ هبات النار وهي تؤدي رقصة الموت 
الغيمة ذاتها التي كنت امتص رذاذها
ذوبتها في فم الجمر

لكن أيّة نفس هذه، إنها مذعورة ، بطريقة ما، خائفة في أعماقها، وأضعف من أن تقوى على احتمال عزلتها، لذلك ربما، نجد أن شحرورتنا حكيمة بنقاسم تكتب غيابين، غيابها وغياب الآخر، وتملأ الفواصل اللامرئية بينهما بأجزاء لا تحصى من مرآتها المكسورة. تتعدد في غيابها ليكون في وسعها أن تمثل غيابات الآخر، وأن تكون في أشياء هذا الآخر لئلا تهلك في وحدتها. لكن ذلك يبعث نصاً مليئاً بالأسى، وإقراراً بسطوته، وبسيطرة لغة ومناخات المنولوغ بديلاً من "حوار" مع الآخر سيظل مستحيلاً. وإذا كان الاستحواذ على "الآخر" يتم من خلال استدعاء أشيائه التي هي أطلال غيابه، فهل يتناقض ذلك مع تلك الصور المتكررة في شعر حكيمة لفكرة الاكتفاء بالذات التي تمنحها الجزء المهم من شعرها؟

هل تراني في الضفة العليا 
اقدم عشب القصيدة للنوارس ؟؟
ابني خيام الشوق بقصب السكر
هل تراني اوشوش روحك ؟
وانفاس الشوق تلطف الهواء 
يا حرائقي الانيقة أمهليني قليلا 
لأتذوق جمري الآخر

     - طاهر -

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

يا عازف العود… .. الشاعر والمبدع علي جابر الكريطي

يا ساقي الورد لطفا بقلم الشاعر هشام كريديح

انتي وتيني // بقلم الشاعر عبد السلام حلوم