هلا سافرتم معي بقلم الشاعر محسن دواي


 ...     هلاَّ سافرتم معي..؟

...

مُنهَكاً عمريَ كان...ومبهماً كان ذاك الحديث.

أمّا وقد القى الليلُ على النورِ وشاحاً من سكونٍ رهيب..مدركاً فلولَ النهار الهاربة برمقةٍ شاحبة...فلولٌ تاهت على دروبِ الزمن الآتي تنتظرُ رشقةً جديدة على وجهها من نبعِ الغيوب..

معه جلستُ وانا المختمرُ من قوافي الظلام اُرَاوِدُ الماضي خِلسة ً. مُشيحاً بوجهي عن لفحِ حاضري . مستظلاً في ارتعاشٍ وارفاتِ ازمانِ غابرة....

ادنيتـُهُ منّي...غصنٌ مليئٌ بتاريخ من مَضَوا وراء الشموس..شممتُ عَبَقَ التاريخِ في غبار حوافرِ خيول الثأر والسلبِ لفرسانِ الموتِ حين صهيلُ جحافلهم وصليلُ سيوفهم باغَتَ همهمتي..لأتكىءَ ضريراً على همسِ تأويلي وتخميني. اتحسسُ خطا قوافلٍ تأتيني بتوابلِ واعطارِ السندِ والهندِ مختالةً على حرير الطريق كي اُُنَمِّقُ بَداوتي قليلاً..وأُطرِّزها بحكايا السندبادِ وملوكِ الجانِ قبل طلوعِ الصباحِ واِحجامِ عَروسُ القصرِ عن كلامِها المباح..

لأُشعلُ من لهفةِ انتظاري ناراً تُبرئُ جُرحَ جاهليتي. فأقرأُ على وهجِ نارها شِعراً تدلى على استارِ الحجرِ العتيقِ. لأَنثُرهُ من جديد شُذورا يُذهِّبُ سوادَ الحجابِ قبل الطوافِ الميمون..مبسملاً مطالعَ القصيد برفقةِ بُخُّورٍ صفَت نيّتُهُ على غزلٍ صوفيٍّ ناديتُ به الخيّامَ ممزوجاً بخمرةِ لحظتي..والكأسُ فارغةٌ..وماادراهُ الخيّامُ اني اترعتُ الراح َ قبلهُ وشرِبتُ قبل الوصلِ شهدَ الرِّضاب

..ليشربَ وحدهُ الآثامَ بانخاب التوبة..

والاستغفار...ولأحتسي انا قرارة كأسي ودمعَ حسرتي..مع انّاتٍ مدَّ يدَهُ من بغدادَ ماسحاً على خاطري..نوّاسيٌّ. قام من غفلةِ سُكرهِ متعشماً بمن قال هبّوا املأوا كاس المنى قبل دُنوِّ الآجال وغدر القدر..

وإذ بالخليفة طريحُ نهلتهِ الاولى. وقد بللت  الغانياتُ حين تراشقن خمرةَ الدنان ترفاً ثيابَ اسحارٍ استباحَ عُذريّتها مَغُول الشرقِ

وتناهشتها نيرانُ الغربِ..بعد ان احرقوا بها طروادةَ والحصان..تحت وطأةِ نبيذٍ فاخرَتْ به روما..فكان الفخرُ مصيبةً وعارا تاهت فيه زمناً..عمياءُ... تجوبُ ارضَ الكنانةِ تختزنُ الريحَ في صدرها لتُعرِّي منها ماتشابهَ من عطرِ معشوقها الازلي..فتعثرُ بين اعمدة معابد الضلال تارةً..واخرى بين اكوامِ الضياعِ وجداً وهيام.. .عِبرةً للآتيةِ طوعاً مع عرشها الى بَلاطِ سيّدِكنعان ترفع اطراف ثوبها مخافةَ البللِ..وقد همَسَ الحاضرونَ في حياء...

..أكان بريقاً على رُخامْ؟ اَم بقايا من طوفان..؟

استنفرتْ النبيَّ والحطّابينَ اخشابُ فلكهِ العظيم... حين استولدهم التاريخ من جديد وقتَ نادى المنادي قد اهتدينا الى اديمْ.. فاستوى معهم  ليلي عليه...

مرّغتُ وجهي من تراب خضّب أرجلَ حمامة البُشْرِ... حَنّاء عروسٍ اعتلتْ هوادجَ رحيلٍ صامتٍ حزين.. 

على وقعِ انسفاحِ مآقٍ مسَحَ من على  البُرديِّ كل تشبّبٍ باحت به القوافي.

فراحتْ تُرسلُ ناظريها من خلال سجْفٍ افترسَ احلامَ القلبِ الى مَن انفطرتْ لرحيلها كلّ جانحةٍ فيه... ليعودَ من وراء الرُّكبِ محترقاً بصبوته مغازلاً مفاتنَ شَعرِها الممددِ مابين قلبهِ والعتبِ المسفوحِ قهراً امام اندلسيةٍ استولدت جيوشُ الفاتحين قصرَوالدها والذي اكتفى بالشعرِ جليسَ أرائكهِ.. بعد ان اذرتْ رياحُ الشطآن رماد اشرعةِ الإبحارِ الفاتحِ...

....أواااااااهُ ياليلُ.....

ايّةُ رحمةٍ يحملها غباركَ الأبكمُ.. وقد تكدّسَ على صفحات التاريخ يُخفي مايُخفيهِ من آلامٍ نزَفتْ حَدَّ الموت.. مَنسيّةً صنعَتْ القَ الماضي الغابرِ.. محمولاً على راحلاتٍ سطّرَتْ حضاراتِ شعوبٍ حملها ذاكَ الملاّح ورفعَ من مرافئه الراكدة مرساتَهُ النائمةِ.. ليُبحرَ في انواء الزمن... وقد ضاعَ المجذافُ واحتضرتْ رجّةُ الموجِ...

بهائمٍ مرميٍّ عرض الزمن المجهولِ يسأل النجمَ هدايةَ الديار...

.........؟؟......بقلمي...محسن دواي.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

يا عازف العود… .. الشاعر والمبدع علي جابر الكريطي

يا ساقي الورد لطفا بقلم الشاعر هشام كريديح

انتي وتيني // بقلم الشاعر عبد السلام حلوم