هارب من أحضان القمر بقلم الشاعر المبدع عدنان الريكاني


 هَارِبٌ مِنْ أحْضَانِ القَمَرّ 

----------------------

شاعر السلام/ عدنان الريكاني 

-----------------------------

كنتُ ومَا زِلتُ تلكَ الرُّوحُ المَاطِرَّة التِي تَبْحَثُ عَنْ نُقْطَةِ التَلاقِي، نُقْطَة يُبْقِيْ للكَوْنِ كَيْنُونَتَهُ بِتَوَازُنِهِ الرَّهِيْب، عِنْدَمَا يَفُوْحُ عِطْرُ قِيَامَةَ الأرَّوَاحِ بَيْنَ أضْلُعِ التُرَّابْ، فَتَتَلاشى إسْتِقَامَاتُ الظِلّ المَنكوبْ تَحْتَ أقْدَام الضْوء، ليَغْزُوَ الصَّمَتُ بِألوِيَة جَيْشِه المُرِيْبَة أمْصَارَ اللغَاتِ ويُخَيْمَ السُكوْن، كأنَ ألسُنَ المَارَّةِ المَبْتُورَةِ كَفَرَتْ بِالضَجِيْج.. 

كنتُ ومَا زِلتُ تلكَ الرُّوح المُنْفَلقَة بينَ الحبّةِ والنَوَى، أدَارِي شِرّاعَ سُفنَ الأحْلامِ بِعُقولِ الصّغَارِ وأبْتَسِمُ لعُيُونَ الشَّمْسِ وأعَانِقُ الغُرُوبْ، أقَلدُ أكاليلَ شّدْوِ الطيور وأزرّعُ فسَائلَ النُورِبِمَسَاحَاتِ قَلبِي لِلفَرَاشَات، بِكَرّكَرّاتِ الغِيْابِ الشَّائِكَة بَيْنَ أنَامِليَ الصَغِيْرَة، أتمَسَكُ بِطرّفِ فُسْتَانِ غَابَة مَسْحُورَة، أكلَ مِنْ طَبَقِ شَهْوَتِها جِنْيٌّ أحْدَب، لمْ يُتْقِن قِرَأةَ القُنُوتِ بِخاتمَةِ صَلاةِ عِشْقٍ زَهِيْد...

كُنْتُ ومَا زِلتُ تلكَ الرُّوح الهَائمَة بغيمَتكِ الحُبْلى وَهيَ تَرْتَشِفُ مِنْ سُرَّة السَّمَاءِ البَعيدة، يَتَدَلى بِحَبْلِهَا السّرِي لتُشَّاطِرَ رقْصَة الثَوَانِي كٌلمَا أخْطَأت فِيْ نَظْمِ النُجُومِ الزَّاجِلةِ، مِنْ عُمْرِها المُهَّئ للنُور، مُتَلألِئاً فَوْقَ خُدُودَ المِيَاهِ الصَافِنَات، بِتَعْوِيْذَاتٍ أجْهَدَتْ رِحْلَتَهَا الشَّاقَة بينَ ظمَئ عُرُقِيَ المَصْلوبَة، بِمُفْتَرَقِ صَدَى الرُّوح العَاجِزَة ..

كُنْتُ وَكَانَ الدَهْرُ يُصَارِعُنِي بالخُلوْدِ، لأنَنِي أجْتَزْتُ النُقْطَةَ السُّوْدَاءِ فِيْ الوجُود..!!، وَعَبَرتُ مَدَاهُ الأسْطُوْرِيُ بِأجْنِحَةٍ خُرَافِيْة أعَارَنِي أيّاهَا عَمَتِي العَنْقَاء لأنَنِي إبِنُ قَبِلَتِهَا وسَّيْدُ فَصِيْلَتِهَا المَحْبُوب. 

كنتُ ومَا زلتُ جُزْءٌ لا يَتَجَزْء مِنْ طَبِيْعَةِ مُسَلسَلاتِ ترَاجِيْدِيْا الأسْفَار القَدِيْمَة بأبْطَالِهَا المُتَحَوْلِيْن، وَحِصَانِيَ الحَدِيْدِي يَلمَعُ بَيْنَ خَطَوَاتِ المَدِّ و الجَزْرِ المُشَاكِسَة فِيْ سِيْنَاريُور مُخْرِجِ هَابِطْ بحِوَارِاتهِ المَنتُوفةِ كدَجَاجِةِ مُسْتُورَدَة تَطْلبُ اللجُوْءَ السِيَاسِي بِقِنٍ مُحَرَّم، حَليْفُ اليَوْمِ ظَاهِرِيَاً يَتَنَعَلُ بالشَّكِ، فَمَا هُوَ سِرُّه الأحْمَقْ ؟، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ يَوْمَاً فِيْ قَعْرِالجُبِ قِطْعَة جُبْنٍ يُرَوِضُ بِهَ قَطِيْع الفِئرِان، ودَسِيْسَةُ المَشّهَدِ المَفْقُودْ مِلَفُ آخَر عَلى طَاوِلَةِ التَفَاوِضْ السَّاخِنَةِ، فَوْقَ صَفِيْحِ الإنْتِمَاءِ السَاخِرُ الخَاسِر.. 

كُنْتُ وَمَا زِلتُ ذاكَ الشِهَابُ الهَارِبُ مِنْ أحْضَانِ القَمَر، لأنْزَلِقَ فِيْ هُوَةِ الصَفَاءِ وأسْتَنْشِقُ نَسَائِمَ صَبَاحٍ أجْمَل، وأخْتَلِجُ دِفئاً تَزْهُو بِهَا رَّعْشَةُ أنْفَاسِي قَبْلَ إعِلانِ التَمَرُّدِ، بِجُمْجُمَةٍ رَّقْمِيَّة تَتَلاعَبُ بِاورَّاقِ الحَيَّاةِ لإنْزَالِ السِتَار وَصُدُورِ قَرَّارِه الأخِيْر بِنِدَاء غَوغَائي مُخِيْف ( إنْتَهى المَشّهَدْ)..

حينها لَمْ تَفْتَحْ ذَاكِرَّةُ الأوْثَانِ بِفَأسِ الرَّأفَةِ، وَلَمْ يَفْلحْ مَوْلُوْدُه المُتَكَبِر بِارتِدَاءِ بُرّدَةِ بَائِعِ الخُبْزِ المُعَمْدِ بِمَاء الكوثر.. 

------------------------------------------

20-9-2021

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

يا عازف العود… .. الشاعر والمبدع علي جابر الكريطي

يا ساقي الورد لطفا بقلم الشاعر هشام كريديح

انتي وتيني // بقلم الشاعر عبد السلام حلوم