غبار الذكرى الشاعر المبدع أنيس ديان


((غبار الذكرى))
    *********   قصة قصيرة
تنظف أواني الفخار بريش النعام الوثير ..أوووه هذا الاناء الجميل لطبخ الشاي أحضره حبيبي قبل عشرين عاما.. فتحتْ غطائه.. نفختْ  لتطرد ذرات الغبار العالقة فيه ..ثار الغبار وثارت ذكرياتها السعيدة الاليمة معه .. مضى عشرون عاما على أخر لقاء جمعهما عشية ليلة سفره الأخير ..كانت تقول؛ له اذهب يحميك الرب ..وقلبها يقول؛ ابقى ابقى ..أتوسل اليك .. لاتذهب .
لكنه رحل بلا رجعه كأغاني الموتى أو كدخان يلهو مع ريح سافرة.
عادت تُقلّب الاناء وتمسحه بخرقة من القطن سقطت أولى دمعاتها منذرة بوابل حنين شديد الملوحة ..اختلط الدمع الحار بغبار الذكرى ..ونبضها موقد يتسعّر مُذ رحل ..
لم تطبخ لهما الشاي الذي طالما أحباه بقطعتي السُّكر ورائحة القرنفل ..هذة المرة كان شايا من أشواق حنظلية   الطعم وبرائحة اليأس ..ترتشفه  وحيدة ..
أشعلت جميع الشموع وتلفتت في ارجاء المنزل لعل روحه استُحضِرت شوقا  أو شيئا من محض أسطورة سيحدث ،لكن الصمت وهدير دمائها بقيا في اقتتال دامي .
فتحت البوم صورهما القديمة بالكاد تبسمت لرؤيتها .. صورة يحتضنها فيها ، وأخرى وهما يطفئان شموع  كيكة عيد زواجهما العاشر .. 
ظلت حالمة برهة من الوقت ، حتى سمعت طرقا قويا على باب المنزل جعلها تستفيق من هذاءاتها المرهقة ..وقفت أمام الباب وقبل أن تفتح سمعت تلك الأنفاس الصاخبة ذاتها التي 


كانت تعرفه بها دون ان تسأل من الطارق ..عم صمت رهيب عدا نبضها وأنفاس من هو وراء الباب ! !  عضّتْ على أسنانها بقوة وأحمرّت وجنتاها ثم مدت يدها المرتعشة الى مقبض الباب .. أدارته وعيناها الملبدتان بالخوف  تكادا تخرقان الباب ..فتحتْ الباب فاذا به رجلا في عقدة الخامس يدون الحصيلة الشهرية للكهرباء المستهلكة.. رث الملابس .. أشعث أغبر ..ويعاني من انحراف في الأنف ولحميات تسد جزئيا مجرى تنفسه ، فتجعل شهيقه وزفيره شخيرا مزعجا ..قرأ عداد الكهرباء وذهب ، بينما هي تتأمله وهو يسير الي المنزل المجاور وتقول في أعماقها ؛ ليته كان هو فلا أبقى وحيدة . 
أوصدت الباب وعادت تنظف أواني الفخار . 

أنيس ديان/اليمن/عدن

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

يا عازف العود… .. الشاعر والمبدع علي جابر الكريطي

يا ساقي الورد لطفا بقلم الشاعر هشام كريديح

انتي وتيني // بقلم الشاعر عبد السلام حلوم