اليوم الستون // بقلم الشاعرة المبدعة رانيا مهايني

***اليوم الستون***

لا أدري من أين أبدأُ؟ 
أأبدأُ من قمة الألمِ
أم أبدأُ من قمة النِّعمِ
لن أُطيلَ الحديثَ عليكمُ
ولن أعظكم بالحكمِ
***
رحلتيَ كانت ممتعةْ 
بين جدرانٍ أربعةْ
و عمودٌ أشبه بالفزّاعة
بجواري لم يفارقني
متصلٌ مدار ٢٤ساعةْ
وتلك بداية الحكاية
***
بينما أغفو وأصحو على ألمِ
كان هنالك العديد ممن لم ينمِ
بينما كنتُ أتناول وجباتيَ
كان هنالك من يرقدُ في سباتِ
ماسمعتُ ضَحِكاتٍ من أحدٍ
بِقَدرِ ما سمعتُ من آهاتِ
***
كالموتِ متشابهةٌ هنا الأيامُ
قليلةٌ هي الأشياء التي توحي بالحياة
فإطلالةُ نافذتي مثلاً في الصباحِ 
والهواء البارد ولسعةُ الشتاءِ
والمطرُ الحزين وتزاحمٍ للأنام
***
صبراً، فمشواري لم يبدأ بعد
فكم من ساعاتٍ قضيتها
مُحمّلةً بين فوقٍ وتحت
وكم بين الطوابق عرجت
وبين رنينٍ وطبقيٍّ مكثت
ودموعاً بتلعتها ودموعاً سكبتْ
***
رحلتي لم تنتهيَ بعدُ هنا 
فاجتماعياً لدينا طقوسنا
فكم أتاني من ربَّت على كتفي
وأعطاني جرعة إيمانٍ وقوة
وكم عانقتُ قلوباً ودّعت أحبابها
وقاسمتهم  أوجع لحظاتهم المُرّة
***
بمكوثي عرفت كم يدُ الله ترعاني
وكم بلاءُ الله بغيري نزيلٌ
وكم لطيفٌ بلائيَ من اللهِ
وكم كنت في جنب الله مُقصّرةً
وكم شعرتُ بروحي تفارقني
وكم برحمته عاد أحياني
***
أطلتُ الكلامَ وعندي بعدُ أضعافٌ
في رحلتيَ هذي كم النّاس أصنافٌ
منهم من يخفون وراء ابتساماتهمُ
سموماً ومنهم من وراء عبوسهمُ
كسوروٌ لمن فقدوا من أرواحٍ وأطيافِ
***
سأُنهي هنا رحلتي وهنا الختامُ 
فهذا اليومُ الستونَ برحلتي 
وفي كل قصةٍ تُروى لها أبطالُ 
ورحلتيَ كانت مليئةً بهمُ 
رجالٌ.. رجالُ ،وإن الحقَّ ليقالُ
جنودٌ على خط النارِّ بعضهمُ
يمضون وأرواحهمُ على أكفهمُ
وملائكةٌ بحُلَلٍ بيضاءَ ناصعةٍ
على مدار سبعِ ليالٍ  تحوم ُ
ساهرةٌ على راحتنا أربعاً وعشرين
لا تغفى لهم جفونُ، حتى 
يكونوا من راحتنا متيقينينَ
وأخص بكلماتي طاقم المشفى
وكلّ من قام على رعايتيَ
في الجراحة العصبية الثانية
أُهدي قصيدتي إلي تشرينَ

رانية مهايني /بعد مكوثي في مشفى تشرين ل60يوم/

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

يا عازف العود… .. الشاعر والمبدع علي جابر الكريطي

الشاعر عبد الله اسماعيل///يا نشوة الروح يا روحي وريحاني

يا ساقي الورد لطفا بقلم الشاعر هشام كريديح