محاولة النسيان // الكاتبة سميا الدكالي

#الجزء_الرابع

#محاولة_النسيان ⚘

جلست أحتسي الشاي مع أمي وصوفي وعقلي شارد في التفكير بذاك الغريب .....أسأل نفسي تراه هل يفكر في كما أفكر فيه أنا ؟ أكيد نعم مادام كل عقلي معه ....ورغم الجوع الذي أشعر به لم تمتد يدي لقطعة الخبز المحمص مما أثار دهشة أمي حتى سمعتها تقول لي ...

ماما : ماريا ليست عادتك أن لا تأكلي هل أنت مريضة ما الذي حدث لك يا ابنتي ؟
أنا : لا شيء ماما فقط الإرهاق بسبب عملي الشاق المتواصل طيلة الأسبوع .
ماما : ولكن أنت متعودة عليه إبنتي... حسنا ما دام كذاك لا تنامي قبل أن تأخذي حماما ساخنا لتستعيدي حيويتك.
أنا : حاضر ماما أوامرك ستنفذ حالا ...وهل لي غيرك من أسمعه أجبتها وأنا أضحك.

أكلت قليلا وقبلت أمي وصوفي متمنية لهما ليلة سعيدة لأصعد إلى غرفتي حيث ألقيت بنفسي على السرير ....أتخيل ملامحه وذاك البريق الذي كان ينبعث من عينيه حتى أصابني بسهمه ونفذ في أعماق قلبي ....

لقد أحببت شخصا غريبا لا أعرف عنه شيء وأنا التي كان الكل يقول عني قوية الشخصية ولست من اللواتي يحببن بسهولة.... أخيرا وقعت في الحب ولكن للأسف في حب غريب.

أخذت قيثارة أبي من فوق دولابي وبدأت أعزف لحنه المحبب عنده .... لأنسى أحداث ذلك اليوم المميز إلا أن ذلك لم يجد نفعا بل حصل العكس فقد سرح عقلي أكثر مما جعلني أعيد قيثارتي إلى مكانها وأحمل صورة أبي بين يدي راجية منه أن يكون مساندا لي في كل خطوة أخطوها...

ولما أنهكني كثرة التفكير أخذت فوطة الحمام ودخلت لأملا حوض الاستحمام بالماء الدافىء مع الصابون حتى أغوص فيه أنا وأفكاري دون رجعة .... أريد ان أعود كما كنت حرة لا شيء يشغل تفكيري غير أبي وأمي وعملي وفساتيني ... لكن أحدهم دخل دون استئذان ليطرق باب تفكيري فيشغل حيزا منه بل كله.

بقيت مدة طويلة في الماء إلى أن سمعت طرقات على الباب خرجت بعد أن لففت جسمي بالفوطة ... كانت صوفي تريد الاطمئنان علي... لبست ثياب النوم بينما صوفي أخذت المجفف وبدأت تجفف وتسرح لي شعري لتسألني بلطف كعادتها .

صوفي : ما بال سنوهويت اليوم ؟ خرجت صباحا كالمعتاد بكل حيوية ونشاط لتعود مساء على غير عادتها.
انا : لا شيء خالتي فقط مشاكل العمل والملفات المتراكمة
صوفي : لا تحاولي الكذب على خالتك يا حبيبتي أعرفك جيدا فأنا من ربتك وأخذتك في حضني منذ كنت صغيرة...أرجوا أن لا تخفي عني شيئا مهما.

أطرقت رأسي وعلت وجنتاي الحمرة خجلا كما تلعثم لساني لدرجة أن الكلام احتبس بداخلي وأنا أفكر هل أخبرها الآن أم لا ؟؟ فلربما لن ألتقيه مرة اخرى ، إذن لا داعي لأشغل بالها.... أخذتني خالتي في حضنها كما كانت تفعل وأنا صغيرة قائلة :

صوفي : لا عليك سنوهويت نامي الليلة في هدوء وارتاحي.. وفي الغد أخبريني إن أردت بكل شيء... سأكون دوما بجانبك... وكل مشكلة تعترض طريقك سنجد لها حلا معا.

ماريا : سأخبرك خالتي حتما....لكني اليوم مرهقة والنوم غلبني.

بدأت صوفي تحكي لي حكايات سندريلا وأنا أستمع إليها بلهفة وهي تداعب خصلات شعري حتى شعرت بالنعاس . 

غطتني وأطفأت النور بعد أن طبعت على جبيني قبلة... ثم أغلقت الباب بعد مغادرتها متمنية لي أحلاما سعيدة ..... هذه الليلة نمت في هدوء.. فقد كنت متعبة من كثرة التفكير لدرجة أني لم أنتبه لرنات الهاتف ....يا إلهي ! كدت أتأخر عن العمل لولا صوفي التي أتت لإيقاظي ....قفزت من سريري استعدادا ليوم آخر وكلي أمل أن أعود كما كنت .

أخذت فطوري كالعادة وقبلت أمي وصوفي ثم ذهبت مسرعة للعمل محاولة مسح كل ما علق بذهني..... فصورة الغريب لم ترحم مخيلتي بل ظلت تلاحقني في كل مكان وزمان ....

وما إن وصلت حتى ألقيت التحية على زملائي ووضعت حقيبتي جانبا وعلقت جاكيتتي على المشجب. بعدها ذهبت في اتجاه الشرفة لأفتحها فهي تطل على شارع به متاجر للملابس وبعض المقاهي .... كلما تعبت من العمل ألقي نظرة على المارة كل واحد يتجه صوب مأربه يلاحق رزقه والزمن يلاحقه..

وكم كانت صدمتي كبيرة وأنا أرى الغريب جالسا في مقهى قبالة الشركة التي أعمل فيها وعيناه محدقة في اتجاه الشرفة .... تراجعت إلى الوراء لأجلس على كرسيي وأنا مذهولة من هول المفاجاة .... كيف له أن يعرف مكان عملي؟ من المؤكد أنه يراقبني ويتتبع خطواتي.....

      سميا دكالي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

يا عازف العود… .. الشاعر والمبدع علي جابر الكريطي

يا ساقي الورد لطفا بقلم الشاعر هشام كريديح

انتي وتيني // بقلم الشاعر عبد السلام حلوم