متاهة - النفس // الشاعرة والمبدعة سميا دكالي

#متاهة_النفس

غريبة هي نفس الإنسان أحيانا يحيا مواسما لا فصول لها ، فيها قد تنتابه لحظات بكاء تأبى العبرات أن تترك منبعها فيظل الدمع محتبسا ....أو تأتيه مواسما لكلام يود أن يفرغ كل ما في جعبته حتى تتحرر الكلمات من بين قضبانها وقد تشلحت عنها لتبدو على حقيقتها إلا أنه يشعر وكأن أحدهم عقد لسانه حتى لا يتفوه بكلمة ....

فيعيش حينها أيام حزن دون أن يدري سبب ذلك بل ويستمر على حالته أسابيع فقط للترقب وليال للأرق، وقد أتاه الدهر متخفيا دون أن يطرق بابه .....ليفاجأه بما حمله إليه وعيناه عليه دون أن يزيحها وهو يتأمل روحه العطشى ولهفته عليه لعله يرأف على حاله التي تثير الشفقة فينتشله من متاهته.

هو الإنسان خلق وتركيبته النفسية غامضة ليظل يعيش في صراع مع نفسه ، معتقدا أن ما يمر به ما كان المتسبب فيه سوى نفس أخرى.....ولكن لو فكر بتأني وأغمض عينيه ليسترجع شريط ماضيه وحاضره الذي يحياه الآن لوجد أنه قضى حياته كلها وهو يبحث عن نفسه دون أن يجدها.

فكانت بداياته شبيهة بنهاياته التي دون شك تخللتها عواصف أخذته في كل اتجاه معها ومحطات وقف عندها رغبة في محاسبة نفسه ...ليعود إلى نقطة البداية التي فيها كان يفكر في أول حلم له عندما كان متحمسا حتى يعثر على شبيه نفسه ....إلا انه يصدم عندما يتوصل إلى الحقيقة المطلقة هي لا وجود لأشباه أنفس.

تلك الحقيقة أو الخسارة إن صح التعبير تجعله يقف وقفة مع نفسه ليتصالح معها رغما عنه ، حتى يواصل حياته التي بدت له أن كل مواعيده فيها وإنجازاته كانت وهمية وأن كل من قاسموه إياها مروا كأشباح لتختصر سنينه في لحظة وقد أدرك أن لاشيء سد ذلك الفراغ الذي لازمه.

حينها يعود إلى طاولته وقد احتفظ بوجع أنفته ومرارة كبريائه وهو على يقين أن الكل في نفس دوامته يدورون فيها بحثا عن الحلقة المفقودة التي هي أكيد سر الحياة ولن يجدها إلا بالتقرب من الله.

          سميا دكالي