بين الظاهر والباطن بقلم الشاعر المتألق عادل المنصور


 ----- بين الظاهر والباطن -----


مزدوج منذ الأزل.

ممزق بين الظاهر والباطن.

هذا الإنسان...

كينونته الثائرة، لا تتزامن.

صعب الإمساك بمعناها.

قاتمة تلك الصورة دائما.

إذا حاولنا تفتيت ألوانها.

أو حتى أخذها من جديد...


أناته المهشمة، تلعب على الكلمات.

يهاجم ويمجد بنفس العبارات.

فأنا وأنت، نحن و أنتم.

نقاط في دائرة الوهم…

ينبثق منها شيء من الحب.

ينمو كخلايا سرطانية.

ليصير في ظل الزمان مقتا.


فمن ذا القادر على تجاوز نفسه ؟

الدوس على كل المحطات.

حيث تهتز الأحقاد في ليله.

تنهش الأركان المتماسكة فيه.

ينفجر من داخله بركان حسرة.

يختزل معاناة روح تائهة.


هل ستسمح بأن يواصل الليل كلماته ؟

ألن يندثر البركان فور طلوع الفجر ؟

وأزهار الياسمين، تبوح بأسرار الصباح.

تعاود أنشودة الإشراق صف الكلمات.

كصوت البحر، حين يستفيق.


زيغ عن كل الدروب...

تنافر كعداوة  مغناطيسين.

ذات مساء ...

سيبكي هذا الأنسان.

سينتفض كالطائر المذبوح.

بلا وجع يعانق الخلاص.

بعيدا عن صراعه وعذاباته.


صمت طويل وسفر ...

في نفس المكان والزمان.

فمتى ستنطلق... ؟

أمسيات الصيف، لازالت بعيدة.

لتحجب عنك كثرة التفكير.

ورمال البحر أختفت من فوق الشاطىء.


لا شيء بقي كما كان. 

فالصلة بين القلب وهذا العالم.

ما عادت تكفيها أبيات شعر صادق.

طغت على وجودها اللعنات.


ذات مساء، سيترجم الإنسان هذا القدر.

حين يتأكد أنه منسي ...

أن قدره التمرد وفقط...

إلى أبعد الحدود، سيصنع السكوت.

يتجاوز فيه هذا التباين.


تزدهر القصيدة من تشوش الأنا.

تمتص الدم الهائج، رحيقا.

لتتلون بالأحمر القاني.

جميل هذا الثوب المتميز.

حين يصير الإنسان قصيدة.

والأحاسيس، أبيات ممتدة في الكون.

سحبت من فوقها غطاء الضمور.

زرعت شمسا في المتاهات.

ليزداد النور، ينبثق من الداخل.


من قال أن الحياة خلقت من أجل واحد ؟

أو بألم النفس المتواصل...

لا ينبغي أن  تنقل هذا الضجيج.

لقد خبرت الحرية قبل المولد.

وصقلت القلب الثائر.


ها هو كالمرٱة السحرية.

يبتلع الصمت والضلال.

يجتهد في الثبات أثناء الموت.

يخرج كل ساقط إلى الوجود.


فلماذا هذه الرحمة، في غير موضع ؟

ولماذا نرهق النهر، بأن يحمل البحر ؟

ستظهر الاضداد من أضدادها...

والسكون ينتج من زفرات العدم.


أيها المتعجب، لا تندهش.

أنت لا تدرك الأسرار الخفية.

قلبك غافل عما كتبه القلم.

أنت لا تدرك ما في الحب من مقت.

وما في النهار من لحظات ليل.


مهنمك هذا العقل في عد ما فات.

في ترتيب اللحظات...

يحاول أن يسيطر على الماضي والحاضر.

وشذرات المستقبل.

أن يسيطر على كل شيء.


نصف الحق، ونصف الهوى.

ما عادا متفاهمين...

حين بدا ٱدم لربه عاريا.

وأمامه، نقصت شجرة المعرفة.


ممتزجة بالألم هاته الكلمات.

تغادر كيان السكون.

تتطاير من أمامه...

تترك مكانها ثقوبا شاسعة.


خالية من الوجود، كميزان الأنا.

وأتون النفس، كالنار.

تستلزم الحطب، كي تعيش.

وسراب عميق يستجلب النفس.

يسبر أغوار تلك المتاهات المتقلبة.


لا شيء يبقى سرا، أمام الشمس.

أمام الإستئناس بالوحشة..

أو الحياة القصيرة الحائرة. 

فدنيا الوعي والخيال، ما هي إلا كلمات.

تطفو فوق سطح الروح.


والأيام المتكررة...

أيها البؤس البغيض، لما هذا الإصرار ؟

لماذا تمحو ما تبقى من أنفاسي ؟

يبكيني الربيع القادم أسفا...

يغير ألفاظ الكون في حقي.

لعله ينصفني، ينقذني من هذا الصراع.

لقد إبتلعتني برك الدماء قديما.

وأبتلعت معي النور والحب والتوبة.

كأنها كل ما أحتاج في خلوتي.


وأنا تائه...

تنفلت مني الكلمات.

تتصارع من داخلي، تتشابه.

إلى متى سنسير ...؟


لقد باتت رئتي محترقة.

لازال أمامنا الكثير.

ونحن في الحياة...

عجبا، لم يعد أحد منا يقاوم.

لا أحد يستحمل عجلة الحياة.


الفوز في معترك النفس عسير.

زواياه متباعدة، متباينة. 

كفصول السنة... 

بالله عليكم لا تلقوا تلك الأعباء.

فكاهلي ما عاد صلبا.


سيغلق هذا الفم، ليستعطف أبواب الحجيم.

وينهي ٱلام المثنوية...

فمن تيقظ مات... 

روحه تعانق البرج العالي.

حيكت له أساطير الأولين.


لازال متعطش للمعجزة.

يطلبها مع طلوع الفجر.

يستعطف صائغ النفوس.

الذي لا زال يجوب العالم.

يبحث عن قلب طيب...

لا يرتجف أثناء الصلاة.


فها هي الفصول ترحل تباعا.

والجبال تغازل رياحا جديدة.

حتى المحيطات العتيدة.

لم يعد من داخلها نفس الكائنات.


فكيف لك أن ترسم صورا ؟

أن تكتب كلمات في حق هذا العمق.

وأنت بعيد، بعد الصبح.

ٱه من غرابتك أيتها الأيام.

تكسرين أغصاني، بلا رحمة.

لتزرعين أخرى ...

لعلها تكبر يوما. 


تعزفين ألحانا ملائكية.

تترك أثر الفناء والوحدة. 

تحاكي قوة الباطن و صلابته.

المنكمشة في جوف الظاهر.


@ محب الحكمة @

- عادل المنصور -

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

يا عازف العود… .. الشاعر والمبدع علي جابر الكريطي

يا ساقي الورد لطفا بقلم الشاعر هشام كريديح

انتي وتيني // بقلم الشاعر عبد السلام حلوم