قلت للحجر بقلم الشاعر المتألق مصطفى محمد كبار


 قلت  للحجر

أنا  ناقدٌ  لكل  شيء

هنا

فلا شيء  يعجبني

 

لا  الراديو  و لا  صحف

الأشباح  

و لا غربة  نعشُ  الموت 

على  طريق  السفر

أريدُ   أن  أبكي


قال  الحجر

لا  تبكي  عندي  ألماً

أصعد  للغيم مع

الريح

و أبكي  وحدك  ما 

إستعطت

و إحلم  في  السراب

فقلت  لهُ 

يا  حجري  هل  تعرفني

قال 

أعرفكَ  جيداً

ألستَ  الذي  رسب  في

الرحيل  و  تاه

قلت  لهُ  نعم  أنا 

هو

تهتُ  في  عالم 

الغياب

و نسيتُ  أن  أحيا

فقال  لي  و  هو  يتمتم

بهمس

قلتُ  في  نفسي  حجرٌ

آخر  قد خذلني  و نسي

الحنين


و قلتُ  

كان  يمكنُ أن  أكون

 

شبحاً  متمرداً  بداخل  

زجاجة  الخمر

لولا خوفي  من  عتمة

ظلي في السقوط


كانَ  يمكنُ  أن أكونَ


ملكُ  الريح  بعرشُ

السحَرةُ

لولا  هطولُ  المطرِ 

متأخراً

فوق  ورق  النخل

اليابس

بحقل  الأشواك  


كانَ  يمكنُ  أن  أكون 


طائراً  شارداً  لأحضنُ

الغيم 

لولا  إنشغالي  بصورتهِ

الضبابيةُ  في  السراب


كان  يمكن أن  أكون


مسافراً  على  ظهر  

الناقة 

بصحراء  اليمن  

بقافلتي 

لولا  معرفتي  بعدم  

قدرتي  

على  التحمل بدروب  

السفر  البعيدة


كان  يمكنُ أن  أكون 


قصيدةُ  العصر  بخلل

الأزمنة 

بإمسية  مختلطة   للشعراء

القدامى 

لولا  إختلاط  القوافي   

المتعرجة

و  فوضوية   التشكيل  في

الترتيب


كانَ  يمكنُ  أن  أكون

 

شاعراً  متخصصٌ  بغزل

النساء  الجميلات 

و مدحُ  الجسدِ  طويلاً

لولا  خجلي و إنكساري

أمام  جمالهنَ   

الساحرات


كانَ  يمكن  أن  أكونُ


مرتاحٌ  بطريق  هروبي

من  قاتلي

دون  أن  أحملَ  صور

بلدي  المدمر  لتذبحني  

بغربتي 

لولا  سيف  الطعنِ 

المرصود بجسدي

و إنتمائي  لرائحة

ترابه  المعتق


كان  يمكن  أن  أكون


ونسٌ  بجانب  أم

الشهيد 

و أطبطبُ  على  جراحها 

و  أرتاح

لولا  إنكسارها  أمام

الجنازة

و بكائها بنوح  الفراق  

القاتل

  

و كان يمكنُ  أن  أكون 


عاشقٌ  لفتاةً  ماتزال 

تئمنُ  

بالحب  من  النظرة

الأولى

لولا مداعبة حرفي 

بجسدها  دون  علمي  

و إتهامي

بالتحرش  بالحمامة

العاشقة


كان  يمكنُ  أن  أكون 


صديقها  الوحيد  

بسهرة الكأسِ و الرقصُ  

الغربي

على  سيمفونية  بتهوفين  

الشهيرة  

لولا سكرة  النبيذ  المعتق

و نومي  بحضنها  منذ   

الأمس  و  نسياني

بذلك


و كانَ  يمكنُ  أن أكون

 

معها  بشرفة  البيت  

في  الصباح  

لأشرب  قهوتي  من

يدها مع  كأس  الماء 

و الفيروز  تغني  

لولا  صداقة  الفراشة  

معي و إنحرافها 

بموسم الزهور 

النرجسية 


كان  يمكن أن  أكون 


في  ليلة  الماء   

مرآة  صورتها  الوحيدة  

برصيف  الميناء 

لولا  غيرة  القمر   لها  

في  مخيلتي  و تشرد

الفكر  بدنيا

الخيال


كانَ يمكنُ أن  أكونَ


سيدُ  الوقت  بلحظة  

الإنتظار  في  الكفتيريا 

القديم 

و  أنا  أقرأُ  بجريدة 

الأمس  موعد  نشرة

الأخبار 

لولا  تأخر القطار 

بموعد  لقائنا   الأول  و  

سفرها  للبعيد  بوهن

الصمت


كانَ  يمكن 


أن  أبكي  فوق

رصيف  المحطة  فوق

حجرٍ 

و ألوم  حظي  بيوم  

الوداع

لولا   غضبُ  الناس  

الراحلين في  المحطة 

ونسيان  تذكرة

العودة


كان  يمكن  أن  أكون

 

قد  وصلت  إليها  

بموعدنا  المحدد  بذاك  

اليوم

لو  إني  إستعجلتُ  

قليلاً  في  المجيء  

إليها 

و  ملكتُ   الأمس  بلغة  

الإنسجام


كانَ   يمكن  كل  شيء


أن  يكون  بالتلاقي  بيننا  

هناك 

لولا  عدم  إدراكِ   للوقت

الهارب   و  ضياع  

العناوين  


كانَ  يمكن  أن  أكون


معبدٌ  للصلاة  و العبادة 

و أجمعُ  بجسدي  الملائكةُ

العابرات  

لولا  زحمة  النمل و ثكلها  

بطريق  الأموات 


كانَ  يمكنني  أن  أكون 


حافي  القدمين  و  عاري

الجسد  تماماً

و أنا  أتمشى على  الشاطئ 

الرملي  لوحدي

لولا  كسوفي  و خجلي  

من  النورس  المتضجر  

في  الترقب  للأمواج  

البعيدة 


و كانَ  يمكن  أن  أنسى


وقت  الوجع  ساعة

غروب  العمر

لولا  غربة  إنتمائي  

للضجر  القاتل 

و تذكري  لروحي  

المبعثرة  

بين  غبار  الرحيل


و كانَ  يمكن  أن  أكون


ملاكاً و أحمل  السحر  

الأسود  

للشعوذة   في  وجه  

تعويذة  الأقدار 

لولا  خشوعي و  خوفي  

من  غضب  السماء


كان  يمكن أن  أضربُ 

بقدمي

  

كوكبُ  المريخ   

و أزيحهُ من  جمودهِ  

البارد الطويل 

لأسقِطهُ  بحضن  مسافرٍ  

متألمٍ   في  بلد

الغرباء

لولا    بعد   المسافة   

و  سراب  الفكرة


كانَ  يمكن  أن أكون 


ثوب  الكفن  للمقتول 

الحزين

لولا  رحيلهُ  على  العجل 

باكراً

و ترك  فوضوية  القاتل

ورائهُ 

و إنشغالهُ  بخطط  التنفيذ

للمهزوم  


كان  يمكنني   و  يمكن


و  لكن  لا  قدرة  للقصيدة

بكتابة  المعنى  الغائب


فيا أيها  الموت

أنزلني  من  مركبة  الحياة

الفاشلة

لأنام  بقبري 

و  أنسى زمن  البشر  

المر

فأنا  تعبت  من  لعب  دور

المهرج الفاشل  بسيرك

البشر 

و لا  أريد  أن  أستمر  في  

عالم  الرحيل


كان  يمكنُ  

و  لكني  مللت  من  جرحي

القاتل 

و من  ضبابية  العناوين


كان  يمكن  أن  أكون

أنسانٌ  حر  بوجه 

المرايا

لولا  إنعكاس  صورة

الوحي  نحو السقوط

و  فشل  التمني


كان  يمكنُ  التأمل  في

الإبتسامةِ  قليلاً

لولا  تعب  الدموع  في

القصيدة

و تعبي  على  طريق

 السفر


فكفى  سراباً  بنوم  السماء

يا أيها  الحجر

الغريب  


مصطفى محمد كبار  ......  سوريا   

حلب        17\10\2020

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

يا عازف العود… .. الشاعر والمبدع علي جابر الكريطي

يا ساقي الورد لطفا بقلم الشاعر هشام كريديح

انتي وتيني // بقلم الشاعر عبد السلام حلوم