عند نافذتي تغفو الحياة بقلم الشاعر المتألق محمد العبودي


 عند نافذتي تغفو الحياة


كُلُّ شيء ٍ يغفو دون أدنى حركة

جميع ُ الأشياء ِ عند نافذتي 

الطبيعة والإنسان وحتى الفراشات والطيور 

كلوحة مرصّعة  ٍ بأبهى الأشكال

أنظر ُ من خلف زجاجها خلسة ً كي لا أحرّك ساكنًا

فمنظرها نائمة أجمل بكثير  ٍ من حركاتها !

فكلانا نشعر بالآمان إذ لا أحد يهدد الآخر لا قتل ولا تهديد ولا نصب فخ  ٍ ولا سب ولا إقصاء الكل راقد على ملامحه

تبدو الطمأنينة فجمال الطبيعة وهدوء الانسان جعل المنظر يبدو كلوحة حقًا،

رجعت للخلف بهدوء  كبير لإسحب كرسيًّا خشبيًا لأجلس وأستمتع ُ بمثل هذا المنظر الذي لا يتكرر ربّما لآلاف السنين ،

سحبت ورقة بيضاء وتناولت ألواني والفرشاة لأشرع برسمه وما أن شرعت حتى تغيّرت تلك الملامح الساكنة وكأن ثمة بركان أو إعصار أو زلال فكُلُّ شيء ٍ تبعثر بحركة عشوائية 

تصاحبها صيحات وويلات جمعت قواي وبالكاد ذهبت من جديد أختلس النظرات فأنا أيضًا انتابني خوف شديد ،

لا أعلم فكأن ّ مجهولًا ما غيّر كُلَّ شيء ،

أقتربت شيئًا فشيئًا لنافذتي حتى بدا الحطام واضحًا 

فالطبيعة محترقة والطيور مبعثرة أجسادها والمكان يعمّه الخراب والدمار، الدماء كما لو أنها نهر ٌ تفجر ّ غضبًا فهي الأخرى تملأ المكان ،

وبينما أنا مندهش رعبًا حتى بدا من البعيد شبح ٌ يرتعد وترتعد له الأشياء ، ترافقه الطبيعة منكسرة ً يسير ُ بحركة سريعة يحطم ُ ما يصادفه يدمر كُلَّ ما يمكن تدميره ، لا شيء ساكن بعد الآن حرائق وموتى وقنابل وتهجير للأحياء،

ركزت ُ كثيرًا حتى تبيّن أنّه إنسان يحمل في يديه ما يهدم 

ما يحيط به ،

عدت منسحبًا لذلك الكرسي الخشبي لأعود فقدماي لا تحملاني ولكن حين اردت أن أمسك جانبي الكرسي حتى شعرت بالفضاء، إذ لا كرسي بالجوار لا بيت  يضمني سوى أنا وتلك النافذة التي تشوه زجاجها بالدم والأشلاء،

حملتها وسرت متخفيًا عن ذلك الانسان !

ولا زلت أسيرًا متخفيًّا ولا أدري متى أتوقف ؟


محمد العبودي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

يا عازف العود… .. الشاعر والمبدع علي جابر الكريطي

يا ساقي الورد لطفا بقلم الشاعر هشام كريديح

انتي وتيني // بقلم الشاعر عبد السلام حلوم