البحث عن وطن بديل في وطني /المبدع عز الدين الهمامي
*****
أفْكَارٌ تَتَبَعثرُ فِي فَوضَى حَيَاتِنَا المُرْعِبَة، تَحُومُ فِي دَاخِلِنَا، كُلهَا تَنَاقُضَات تَجَمَّعَت دُونَ عِلمٍ مِنَّا لِتُشكّلَ فَرِيقًا مُتّحِدًا يَتَآمَرُ عَلى أحْلامنَا الصَّغِيرَة مِنهَا وَالكبِيرَة، حَتى تَجعَلَ مِنَّا بَشرٌ نُحَارِبُ العُمرَ الضَائِع والذّكرَيَاتُ المَوْبُوءَة، نُحَارِبُ الصُّورَة المُلبِسَة لِلحَيَاةِ ثَوْبًا قاتِمًا وَكأننَا فِي غَابَةٍ وُحُوشُهَا ضَارِيّة قَوِيُّهَا يَأكلُ الضَّعِيفَ، و نَحنُ نُحَارِبُ لِأجْلِ البَقاءِ حَتى نَجمَعَ شَظايَا سِنِين العُمْر الضَائِع بِكلِّ انكِسَارَاتِهِ رَغمَ سَلبِ الحُقُوق وَ إرَاقَةِ الدّمَاء مَعَ البَطشِ وَ الجَبَرُوت المُسْتَبِد...
بِلا مِجْدَافٍ نُحَارِبُ بِأروَاحِنَا التِي أتْعَبَهَا الظُلم، فَتَرتَجِفُ القُلوبُ خَوْفًا، وَ تَفِيضُ العُيُونُ دَمعًا لِأنهَا لا تَرَى شيْئًا يَحمِلنَا عَلى التَفاؤل فِي ظِل مَا نُعَانِيهِ مِن أوْجَاع، حَيثُ تُسْلبُ الحُقُوق، وَ تٌرَاقُ الدّمَاء، وَ تُنْتَهَكُ الأعْرَاض، فَيَكُونُ البَطشُ وَالجَبَرُوتُ المُتَسَيّدُ عَلى المَشهد، كُلهُ ظُلمٌ، ذَلكَ المَرَضُ الذِي تَلاشَتْ مَعَه كُلّ مَعَانِي الإنسَانِيّة لَدَى الإنسَان، وَمَسَخَت كُل قِيَمِ الرَّحمَة، حتى صَارَ الوَاقِعُ بَائِسًا وَكئِيبًا، وحَيَاةُ الإنسَانِ ظُلمَة وظُلمٌ ...
إن فِي الحَيَاةِ ألمٌ كبِيرٌ ومَعَ ذلك سَنَظلُّ نَأبَى الترَجّلَ عَن صَهْوَةِ أحْلامِنَا التِي تَكَادُ تَكُونُ مُسْتَحِيلة، تَشُدنَا فِي هَذِهِ الحَيَاة شَهْوَة لِلفرَحِ، أجْنِحَتهَا تَكسَّرَت بَعدَمَا أثقلتْهَا هُمُومُ الحَيَاةِ، فِي لوْعَةٍ مُتَجَدّدَة وَجُرْحٌ نَازِفٌ مَعَ ألمٍ مُزْمِن، وَبِرَغمِ الكَثِير مِنَ العَقبَاتِ القَاسِيّة التِي تَصُدّنَا، وَتُفقِدنَا الأمَل وَتمْلأنَا بِالخَيْبَةِ وَالبُؤس، لابُدّ أنْ نَفتَحَ الأبْوَاب، أبْوَابَ الأمَل لِتَرْكُضَ أحْلامنَا بَعِيدًا عَن عَتمَتِهَا فَإنْ كَانَ الشِتَاء قَدْ أغْلقَ أبْوَابَ بُيُوتنَا وَحَاصَرتْ أحْلامَنَا تِلالٌ مِن جَلِيد، سَنَفتَحُ النَوَافِذَ لِيَدخُلَ الرَّبِيع بِنَسَمَاتِ الهَوَاء النَّقِي وَالشّمسُ تُرسِلُ خُيُوطهَا الذهَبِيّة لِيُولدَ الحُلمُ العَرَبِي مِن جَدِيد...
*****
عزالدين الهمامي
بوكريم – تونس
15/05/2021
تعليقات
إرسال تعليق