على حافة العمر بقلم الأستاذ ربيع دهام
(على حافة العمر / ربيع دهام)
إلى حافّة العمرِ وصل. ذاك المكان الفاصل بين وجودٍ وفناء.
خطوةٌ، وتنتهي مع الزمنِ قصّته.
لا يريد لنفسه أن ترحل. ولا. لا يريد لها أن تستمر.
ولا يرغب أن يبقى. ولا يأمل أن يغيب.
بل هو لا يعرف ماذا يريد ولا يريد.
أيريد أن يجلس؟ لا.
أيريد أن ينتصب؟ لا.
أيريد أن يركض؟ لا.
أن يضحك؟ لا.
أن يبكي؟ لا.
قد جرّب الفرحَ، فقتل فرحَه، تفكيرُه بحزنٍ قد، أو قد لا يأتي.
قد حاول البكاء، وبكى. بكى لكن مِن دون أن يبكي.
وكم أراد فعلاً أن يبكي وما قدر.
لم يعد أحدٌ في الدنيا يبكي.
حتى البكاء طعمه تغيّر. تبدّل. تكسّر.
ما عادت المآقي تنزف دموعاً حقيقية، بل صارت العيون ودموع العيون، تصنعها، وتوزّعها، وتبيعها، شركات.
كل دمعةٍ تصاحبها عدساتُ تصوير، وإعلامٌ وتزوير.
كل شهقةٍ وحشرجة قلبٍ يُمدُّ أمامه ميكروفون، ويلتقطه قمرٌ صناعيٌّ
ويبثّه على الملأ.
حتى...حتى الضرير لم نعد نعرف إذا ما كان حقاً ضريرا.
وعلى حافة العمرِ بقي. ذاك المكان الفاصل بين وجودٍ وفناء.
وراءه، اللوحةُ هي هي. بسمائها التي هي هي. وأرضها التي هي هي.
بألوانها الباهتة وروتينها القاتل.
بزحمتها التي تجعل أنفاس الصّدرِ تضيق.
بفوضى الأصوات التي ترهق الحواس.
والضياع الذي يوقد في أقبية الروح حريق.
بـ "الأصدقاء" الذين صرنا نبحث فيهم عن أصدقاء.
وعلى حافة العمرِ بقي. ذاك المكان الفاصل بين وجودٍ وفناء.
أيخطو بكل جرأةٍ ويكمل، فينتهي عندها من كل شيء؟
أم يرجع إلى اللوحة ويعود، فيعود بعدها إلى كل شيء؟
أم يبقى هنا واقفاً؟
لا. بل جالساً.
حالماً؟
لا، بل يائساً.
جازماً؟
لا. بل متردداً على ... على حافة العمر؟
تعليقات
إرسال تعليق