شاط جلد الطفولة بقلم الشاعر المتألق حمادي العرابي
* شاط جلد الطفولة كعود النّد *
تعود أن يراك الكل مجرّد صورة في الرواق،
فلا صدّت عنك نار جهنّم البرقيات الكاذبات،
ولا تمزّعت من الغيظ حمية القربى ،
حين عنّقتك الشّهب المرعبات!
إن سألوك عن الطفولة قل:
ها هي تمزّق تحت الأنظار،
ترتجف خلف رعشة الخيام!
تدفن حيٌة تحت الرماد!
ها هي تصطلى بحمر الحمم،
... تغرق في بحار الدّم!
أمام عيون كل العالم،
تبتر الأطراف بأنياب الألم!
طفولة هائمة في الفيافي،
لا مأوى ولا نادّ!
فلا غلا في دم العرب الشمم،
لا ارتجّت نخوة الهمم،
ولا ترجرج إباء أبناء العم!
هذا يجود ببرقيات التنديد المبكيات،
وذاك يقتاف تلفّف المقهورين على الأموات!
فالكل أمسى إما عاويا،
إما صامتا،
ينشد تراث الغابرين باكيا!..
يا عشق الموت وابن الحياة،
تجمّع فيك الشّقاء والحرمان،
القهر ، البرد والجوع،
أكثر قساوة من العدوان!
امشي بين ما تبقى من قرى هالكة،
وبين الرياح العاصفة،
اشهق حتى آخر الشهقات،
اصرخ حتى آخر اللحظات،
كشطت في سماءك قنابل الفسفور الحارقات،
احذر سقوط نار الحاميات،
الجحيم سعّرت،
والأشلاء كوّرت،
كأنه يوم التّناد !
فلا تتساءل:
لم نجوم السماء انكدرت؟
بأيّ ذنب الطفولة قتلت؟
لم تربة غزة زيّنت بالأموات؟
ولم هبّت عليها الرياح الذاريات؟!
لا تسأل من بتر الذراع والساق؟
أرهق الجسد من طيّ مسافات الطرقات!
أمست آهاتك في الفراغ مسافرات!..
إنّ شائنك هو الأبتر،
فمن يناصف حقّك أمام جنف الغزاة؟
من يأخذ بثأرك من صلف الجناة؟
من يسترجع حقّك من كفّ الطغاة؟
هذا زمن لم يقرضك سوى النائبات والرزايا الآبدات!
لحا الله من طعن ظهرك،
ومسك في يد خائنة مسبحة...
حمادي العرابي// سوسة 25 جانفي 23//
تونس .
تعليقات
إرسال تعليق